ترك النبيِّ صلى الله عليه وسلم فعلاً من الأفعال، ومتى يكون الترك سُنَّة والزيادة عليه بِدْعة؟
تركُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لا يخلو من ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يترك صلى الله عليه وسلم الفِعْلَ لعدم وجود المُقتَضِي له.
مثل: تركه قتال مانعي الزكاة.
فهذا الترك لا يكون سُنَّة، بل إذا قام المُقتَضِي ووُجِدَ؛ كان فِعْلُ ما تركَه صلى الله عليه وسلم مشروعًا غيرَ مخالف لسُنَّته؛ كقتال أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه لمانعي الزكاة، بل إنَّ هذا العمل يكون من سُنَّته؛ لأنه عَمَلٌ بمقتضى سُنَّته صلى الله عليه وسلم.
الحالة الثانية: أن يترك صلى الله عليه وسلم الفِعْلَ مع وجود المُقتَضِي له، بسبب قيام مانع.
مثل: تركه صلى الله عليه وسلم قيامَ رمضان مع أصحابه في جماعة بعد ليال، وعلَّل ذلك بخشيته أن يُفرَضَ عليهم.
فإذا زال المانعُ بموته صلى الله عليه وسلم؛ كان فِعْلُ ما تركَه صلى الله عليه وسلم إذا دلَّتْ على هذا الفِعل الأدلةُ الشرعيَّةُ مشروعًا غيرَ مخالف لسُنَّته، كما فعل عمر رضي الله عنه، وفِعْلُ ما تركَه هو أيضًا عَمَلٌ بمقتضى سُنَّته صلى الله عليه وسلم.
ومثل: ما استُحْدِث حديثًا من الصلاة بالميكروفون مثلاً.
الحالة الثالثة: أن يترك صلى الله عليه وسلم الفِعْلَ مع وجود المُقتَضِي له وانتفاء الموانع؛ فيكون تركه هنا سُنَّة، وهو السُّنَّة التركيَّة.
فإذا تركَ صلى الله عليه وسلم فِعْلَ أمرٍ من الأمور، مع وجود المُقتَضِي لفِعله وانتفاء المانع؛ عَلِمْنا بذلك أنَّه صلى الله عليه وسلم إنَّما تركَه ليَسُنَّ لأُمَّته تركَه.
مثل: ترك التلفُّظ بالنيَّة، وترك الأذان لصلاة العِيدَين.
فالقاعدة أنَّ: تَرْك النبي صلى الله عليه وسلم للفِعْل، مع وجود الداعي إليه وانتفاء المانع منه؛ يُعْتَبرُ سُنَّةً، والزيادة عليه بدعة.
[ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيميَّة (26/172)، واقتضاء الصراط المستقيم (2/102)، وقواعد معرفة البِدَع للجيزاني صــ 75، ومعالم أصول الفقه له صــ 130].
بـــــقـــــــ الشيخ محمد صالح المنجد ـــلـــم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق